تمثال المفكر للنحات الفرنسي رودان.

يجسّد تمثال “المفكر” رجلا قوي البنية، جالسا فوق صخرة، ينحني بجسده العريض إلى الأمام ويثنى ركبتيه، ويمسك فكه السفلي بيده اليمنى، متأملا بحزن أو باستغراق المأساة التي تحدث أسفل منه حيث ينظر.

تمثال “المفكر” “The Thinker” هو واحد من أعمال النحات رودان، وقد تم اعتباره في بعض الأوساط الفنية من أفضل عشرة منحوتات كلاسيكية في الغرب. حيث تطورت أهميته كعمل فني بشكل تدريجي ليصبح رمزا تاريخيا وثقافيا عبر السنين.

((أوغست رودان Auguste Rodin ( 1840 – 1917).
نحات فرنسي ، اعتبره بعض النقاد من الفنانين الأكثر شهرة في تاريخ النحت.

عندما عُرض تمثال “المفكر” لأول مرة عام 1888 أطلق عليه رودان لقب “الشاعر” “The Poet”. ثم أعاد تسميته لاحقا بعد ذلك ليصبح “المفكر”.

لقد أسرت شخصية التمثال بعضلاته المتشنجة وتكور جسده الحزين الجماهير لعقود من الزمن في لحظة تأمله المركزة.

ما هي قصة “المفكر”:

في البداية تم صنع التمثال عام (1880) (وكان حجمه الأصلي آنذاك حوالي 70 سم) ليزين زوجا من الأبواب البرونزية في متحف الفنون الزخرفية الذي سيقام في باريس.

اختار رودان موضوعا لمنحوتته: بوابات الجحيم The Gates of Hell. معتمدا على مشهد من الجزء الأول من قصيدة الكوميديا الإلهية التي ألفها الشاعر الإيطالي دانتي في القرن الرابع عشر، وكان هذا الجزء بعنوان “الجحيم”. وقد صمم بناء عليه سلسلة من الأشكال الطينية الصغيرة التي جسدت بعض الشخصيات المعذبة في القصيدة. ومنها تمثال المفكر وكان هنا مازال يطلق عليه اسم “الشاعر”.

ومع ذلك، لم يتم بناء المتحف خلال حياة رودان.

بعد فشل المتحف المقترح، واصل رودان إعادة صياغة العديد من الشخصيات في منحوتته بوابات الجحيم The Gates، بطرق جديدة وعرض بعضها بشكل فردي عن العمل الكامل. ومنها منحوتة “الشاعر” وهنا قرر تغيير الاسم إلى “المفكر”.. وعرضه بمفرده في عام 1888 ثم قام بصنع نسخة أكبر منه بالبرونز في أوائل القرن العشرين.

عرض رودان التمثال عام 1904 في صالون معرض سنوي للفن في فرنسا، حيث حظي عمله بقدر أكبر بكثير من الاهتمام عندما تم عزله عن المنحوتة الأصلية الأصغر حجما التي كلف بها آنذاك ولم تكتمل.

اشترت الحكومة الفرنسية التمثال عام 1906 ثم تم نقله إلى حدائق متحف رودان في عام 1922.

أذن رودان للعديد من الفنانين نسخ عمله بالرخام والبرونز خلال حياته مما ساعد على انتشارها على نطاق واسع، وبالتالي هناك العديد من نسخ “المفكر” معروضة في جميع أنحاء العالم.

تم وضع نسخة ضخمة من تمثال “المفكر” فوق قبري رودان وزوجته روز، في منزلهما في إحدى ضواحي باريس.

بقلم: محمد الحموي